نصح إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور الشيخ محمود الغيلي المسلمين بتقوى الله تعالى، والإكثار من الطاعات لنيل رضوان الله تعالى، والتمسك بالعروة الوثقى، والابتعاد عن سخطه.
وقال في خطبة ألقاها اليوم في المسجد الحرام: “إن الله خلق هذا الكون بالجمال والجلال، والإتقان والكمال، بزخرفة لافتة للنظر، وجمال تأملي، وعجائبه ليس لها نهاية، وأسراره ليس لها نهاية”. إن الكون بسمائه وأرضه، وكواكبه ونجومه، وليله ونهاره، وشمسه وقمره، دلائل على سيطرة الخالق عز وجل، كلما نظرنا إلى تأثيره في الخلق، نقاسه بالميزان، محسوبا بالكمال، فأكمل الله تعالى خلقه وكيانه، وأكمله، فجعله بديع الشكل والوظيفة، ووهب الخلق كلهم ثم هداهم، على ما تقتضيه الحكمة تعالى لو أن الباحث الدقيق ومن يبحث بجد عن العيوب في صنعة الخالق، ستعود إليه جهوده في خجل وضعف وعجز.
ويوضح أن هذا فهم سطحي لما نراه، ولكن ماذا عن المعاني الخفية لما لا نستطيع رؤيته؟ ولا تزال عجائب صنع الخالق سبحانه الحق سبحانه، تكشف للإنسان بعض أسرار هذا الكون وآياته، كما تبهر صناعته وإتقانه. يقول تعالى: (سنريهم آياتنا في الأفق وفي أنفسنا حتى يتبينوا أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) وبما أنه هو الذي فهو الأقرب إلى الإنسان نفسه، خالقه ومبدعه، سلفه وسلفه، يدعوه إلى التغلغل والتأمل في نفسه، ليجد فيه آثار الحكم. ودليل سيطرة الخالق يتكلم ويشهد لسيده. تعليماته، وتوجيهاته. بعد الإنسان قبل خلقه ليس هناك شيء. المذكور، صار خلقاً كاملاً، ذا إبداع وجمال.
وقال الدكتور المعقلي في خطبته: “إذا كان الله تعالى قد أكمل خلقه على أكمل وجه، وحكمه على أكمل وجه، فإن شريعته هي الأفضل والأنسب، أي غاية الكمال والدقة، فالقرآن والسنة وكل منهما دقيق وكامل، قال الله تعالى لنبيه: (والله أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك إلا أن كنت لا تعلم والله بفضله) عظيم عليك) ولهذا أمر عباده بالكمال ومحبته، والإتقان هو فعل الشيء على أكمل وجه وأحسنه، قال ابن قايم رحمه الله: “الرب “إن الله يحب أسمائه وصفاته، وكذلك معنى صفاته وتعبيرها في عباده، فهو جميل يحب الجمال، ويغفر.” يحب الشخص المتسامح. إنه كريم، يحب الكرماء. يحب أهل العلم. يحب الحكماء. يحب الأقوياء. فهو يحب المؤمنين الأقوياء أكثر من المؤمنين الضعفاء. إنه صبور. يحب القادرين. إنه صبور. إنه ممتن. يحب الشاكرين. وإذا كان الله تعالى يحب من يحملون آثار صفاته فهو حاضر معهم، أي أنه بحسب أوصافهم رفيق خاص. انتهى كلامه رحمه الله. ولهذا يقول الله تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). ومن معاني الإحسان الإتقان والدقة. تحسين الشيء وإتقانه وإتقانه من المتطلبات الشرعية العظيمة التي فضلها الله ورسوله، وأول ما ينبغي للعبد أن يجتهد في إتقانه رحمته توحيد الرب سبحانه وعبادته. وحده، فمن أجل التوحيد، خلق الله السماء والأرض، والجنة والنار، ومن أجله أرسل الله رسله، وأنزل كتبه. فهذا أصل الدين وأساسه، وأول أركانه، وأول ما أمر الله به في كتابه. وهو أعلى شعبة من الإيمان، وأثقل شيء في الميزان، وهو أول ما يطلب من العبد في القبر يوم جمعه وقيامته، وهؤلاء الموحدون أشدهم رجاء. وفي الحديث يقول الله تعالى: (من لقيني بمثل خطيئة الأرض فليس له مني شيء، ولقيته بمثل هذه الاستغفار) رواه مسلم. من آمن بإله واحد من خالف توحيده ينال شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ويرزقه جنة عرضها السماوات والأرض، ومن خالف توحيده وتحالف مع غيره فلا يقبل له عبادة. لأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل ما لا يريد وجهه، يقول الله تعالى في الحديث: (إني لا أتأثر بشرك شركائي مهما كان) أعمل في عمل أعمل فيه وغيره أتركه وأهله) رواه مسلم.
وبين أن أول ما يتم بعد التوحيد هو فريضة الله تعالى على عباده. المعمودية أمر سعى النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى إتمامه حتى في المواقف الصعبة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أفلا أدلكم على الله) “إزالة الذنوب وهل هناك طريقة لمغفرة الذنوب هل فيها تراتب قالوا نعم يا رسول الله قال: (أسبغ الوضوء عند الكرب) رواه مسلم وحذّر منه” خالفه صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح مسلم: عن عبد الله بن عامر رضي الله عنهما قال: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجثة. من مكة إلى المدينة حتى كنا في طريق الماء، إذ جاء قوم مسرعون في صلاة العصر فتوضأوا، فبينما هم مستعجلون أتيناهم، ولم تكن أفخاذهم مغمورة في الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويل للأعقاب في النار، أسبغوا الوضوء)، وأعظم العبادة بعد التوحيد النبي صلى الله عليه وسلم. عليه السلام، يحذر من السيطرة عليهم. بل على العكس يعتبر عدم صلاة من لم يتقنها وخالف أركانها، وفي الصحيحين: أنه قال لمن لم يتقن الصلاة: (ارجع إلى الصلاة فإنك لا صلاة لك) ) رواه البخاري وصحابة مسلم رضي الله عنهم، وكان أحدهم إذا حفظ آية من القرآن لم يتعلم آية أخرى حتى يتقنها فقهاً وعملاً.
وأشار إلى أن مسألة الكمال لا تكمن في الشريعة، وخاصة الشعائر الدينية، ولا في علوم الشريعة، ولا حتى في الأعمال العلمانية، لأن الكمال شريعة عالمية، ومنهج حياة، وسمة من سمات الحضارة، ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم همه التمكن من كل شيء، فقال: (إن الله كتب الخيرات كلها، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، ثم إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، ثم إذا قتلتم فأحسنوا القتلة). “اقتلوا، ثم أحسنوا الذبح، وليحدد كل واحد منكم سيفه، وليذبح أضحيته” رواه مسلم. وكان صلى الله عليه وسلم يرغب في أن يكتسب المسلمون مهارة التأثير الاجتماعي، مثلاً: أن ذبح الحيوان ينتهي إلى إتمام العمل مهما كان، ولكن نية النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقن مختلف مجالات العمل، فأثنى على الذين كانوا حرفيين مبدعين وماهرين، وعهد إليهم بصناعتهم، ولهذا طلق ابن علي الحنفي رضي الله عنه، وقد قدم المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم، كان أصحاب النبي يبنون مسجد النبي فأراد أن ينقل الحجارة بهم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلط الطين، لأن في مسند الإمام أحمد: طلق بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين يبنون الدنيا». قال: كأنه لم يعجبه عملهم، قال: فأخذت الممحاة وخلطت بها الطين، فأعجبه أن أخذت الممحاة وعملت فقال: (دع الحنفي والطين فإنه هو من هو أعلم بالطين) بل على العكس فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الكمال أعلى من هذا. وفي صحيح مسلم: هو صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وسلم على الجسد قال: (إذا كفن أحدكم أخاه فليجعل لنفسه كفناً جميلاً) وقال في شعب الإيمان للبيهقي: النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، وشهدت جنازة، فترك الصحابة رضي الله عنهم فجوة في القبر، ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: : (عدله)، حتى ظن الناس أنه سنة، فالتفت إليهم فقال: (فلما خير له أن يموت ولم يضره ولكن الله أحب المحسنين). فانظر – حفظك الله – كيف يأمر صلى الله عليه وسلم بالكمال، حتى في هذه الحالة لا يضر الميت ولا ينفعه، ولكن هل هو هدى الإتقان والإتقان؟ التنمية، الدعوة إلى العمل الصالح وإتقانه، إذا كان الأمر بتمام الكفن، وتسوية القبر، فإن ما هو أعظم منهما أفضل وأجدر، وليس الحياة تنمو ولا تزدهر، ولا تقوم أمة ولا تزدهر إلا بالسيادة، سواء في العبادات أو الأعمال أو الرزق. كل عمل يقوم به المسلم في سبيل العبادة يؤجر عليه.
وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام أن الإتقان هو هدف الارتقاء بالمسلم حتى يتمكن من تحقيق رضاء ربه والإخلاص له، فالله تعالى لا يقبل العمل إلا إذا كان خالصاً له والإخلاص. لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إتقانه. يقول الله تعالى: (ليبلوكم من هو أحسن عملا) أي: أنا أصدق وأصوب، فإن الإخلاص دنيوي والصواب دنيوي، وإتقان، وفيه ثبت فينا. الحياة الفعلية، لذلك يسعى الإنسان إلى التميز في جميع جوانب الحياة. ولذلك فإن الإتقان هو سمة أساسية من سمات شخصيته، فالإتقان ظاهرة سلوكية بالنسبة له، فهو يرافق تفاني الشخص، ويرافق التفاعل الاجتماعي والإنتاج، بل إننا نسعى جاهدين إلى تربية أطفالنا على قيمة الإتقان، وتمكينهم من عيش حياة رغيدة وفوز برضا الرحمن في الآخرة. يا عبد الله، إن زراعة الإتقان في أطفالك تقوي إرادتهم وتمنحهم روح الرغبة التي يمكنهم من خلالها تحقيق الأهداف السامية والبقاء. ابتعدوا عن غبائهم وانفعهم وطور بلادهم. إن ما يساعد الآباء على فهم قيمة الإتقان في تربية أبنائهم هو التزامهم بأوامر الشريعة. على سبيل المثال، الصلاة أمر. بدأ ابني بها وهو في السابعة أو العاشرة من عمره، ولما وصل إلى مرحلة الرسالة كان قد أتقن الصلاة وأحسنها وأحسنها. وإذا تعلموا الصلاة منذ الصغر، فسيكونون قد أتقنوا بعض المهارات مثل الصلاة في وقتها، وتذكر لقاء الله في الداخل، والقيام بها خمس مرات في اليوم والليلة، وتثبيت الأعضاء والأعمدة، والاصطفاف في خطوط مستقيمة. وترك الإمام يتابع، وهذه الأعمال كلها تحتاج إلى إتقان، وبذلك تنتقل هذه الإتقان من الصلاة إلى سائر الأعمال، سواء كانت دنيوية أو أخرى، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقة: (أفلا ترون أنه إذا نهر… أمام بيت من الناس يغتسل في اليوم خمس مرات، فهل عليه من درن؟) قالوا: لم يبق عليه من درن. قال: (مثل الصلاة خمسا، يحط الله بهن الخطايا) رواه البخاري ومسلم.